"لِــمَ؟"كنتُ استمعُ لأحد البرامج التلفازية للدكتورة ( فوزية الدريع )
منذ فترة، لفتَ انتباهي كلامها عن مشكلة لإحدى الفتيات،
التي أحبت زميل عملٍ لها حباً عظيماً لا يَعلمهُ،
وكان في المقابل يُحبها حبّاً عظيماً لا تَعلمهُ،
صَرَّحتْ بحبها لهُ لزميلةٍ مشتركة لهما،
وقد صرّحَ بحبهِ لها كذلك لتلكَ الزميلة.
فحينَ تأكّدت هي من مشاعره نحوها تجرأت وصرحت بحبها لهُ،
هاتفتهُ لتُخبرهُ أنها تُحبه، إذا كانت تتوقّع منهُ أن يُصرّح بمشاعره كذلك.
ولكنهُ لم يفعل اكتفى بالصمت ثم أنهى المكالمة،
وتَغيّرَ في اهتمامه وكلامه، حتى سألتهُ تلكَ الزميلة المشتركة : " ألم تعد تحبها؟ "،
فأجاب: " حالما صرحت لي بمشاعرها تبدّلتْ عندي المشاعر !"، لمَ؟!حدثتني صديقتي عن إحدى الصديقات، التي مرَّت بعلاقة حب مريرة،
إذ أحبت شخصاً حباً جمّاً، والأفضل أن أقول "حباً مجنوناً"،
كانت تُغدق عليه الهدايا، وتدفع له "فواتير جوالاته"!
وتفاجئهُ بباقات الورد على سيارته "الكحيانه"،
ولا داعي أن أصف لكم عن هدايا الفالنتاين و"سربرايز" أعياد ميلاده.
كانت تحبه الحب الذي لأجله تفعل أي شيء،
مع هذا كان يخونها مع أخريات وكانت تكتشف فتنهار ويعتذر ويَعدُها أن يتوب
وتُسامح هي كالبلهاء ليُكرّر هو الفعل المشين،
وَعدها بالزواج ولم يفِ بوعده، وكانت متمسّكة بكلّ خيط رفيع يجمعها به،
ترفض كلّ خاطب مناسب وكلّ النصائح التي تتلقاها من أخواتها ومن صديقاتها تضربُ بها عرضَ الحائط،
حتى أتى اليوم الذي ودعها لأنهُ سيتزوج بأخرى. لمَ؟إحدى الزميلات بالعمل حدثتني عن صديقتها التي تحب زوجها حبّاً رحباً،
لدرجة أنها فاجأتهُ في ذكرى زواجهما الثالث بالسيارة التي يحلم بها "مرسيدس"
ولوحة أرقام مختصرة، وفي المقابل هو يخونها حتى "فاحت ريحته "!" لمَ؟!صديقة أمي في الثالثة والخمسين من عمرها، زوجها يحبها حبّاً لا أستطيع وصفه،
يفاجئها بالهدايا بكلّ شكل، في كلّ المناسبات الجديرة وغير الجديرة بالتهادي،
يشتري لها كلّ سيارة تتمنّاها - رغم دخله المحدود،
يُراكم على نفسه القروض فقط ليرى منها ابتسامة رضا،
يُعاملها كالأميرة، رغم أن زواجهما مرَّ عليه ما يفوق السنوات العشر،
وهي تعامله أسوأ معاملة دون أدنى اكتراث لكرامته حتى أمام الناس،
وحين وَبّختهُ أختهُ: إذ كيفَ تسمح لها أن تعاملك هذه المعاملة غير اللائقة،
يقول:" أحبها ولها الحق أن تفعل بي ما تشاء !!". لمَ؟إحداهن تحب صديقتها حبّاً كبيراً، هي محور حياتها، تفكّر في رضاها ليلَ نهار،
لا تهدأ ولا تسكن، إن تكلمت فعنها، وإن تسوّقت فلها، وإن بكت فمنها،
وإن تأمّلت فصورتها، ليسَ على البسيطة شخص يهمها غيرها،
بيدَ أن صديقتها المعشوقة لا تبالي لشأنها،
تحترمها وتحبها ولكن شتان شتان بين حجم الحب والاهتمام والعطاء عند الصديقتين. لمَ؟!برنامج ( الدكتورة فوزية )
وتلكَ القصة المريبة،
بغض النظر عن شرعية القصة والعادات والتقاليد،
لمَ حين شعر ذلك الزميل أن زميلتهُ اشترتهُ قامَ ببيعها؟
وتلكَ الحبيبة التي أغدقت على حبيب فؤادها بالهدايا في كلّ حين،
وقدّمت لهُ الحب المستحيل على أعتاب بيته، لِمَ خانها؟
ولِمَ تزوج بغيرها في نهاية المطاف؟ لمَ؟
وتلكَ الزوجة الغبيّة التي تعشق زوجاً خائناً،
وتراكم ديوناً لأجل سيارة فاخرة تمنّاها،
ولوحة أرقام مختصرة قيمتها قيمة سيارة أخرى! وهو لم يُكلّف تفسه أن يمنحها بديهيات العلاقة الزوجية
في حفظ الكرامة وصون العِرْض والإخلاص لها، لمَ!؟
لِمَ تلكَ الزوجة الخمسينية تُبادل الحب والعطاء والمودة بالجفاء والإهانة وسوء المعاملة؟ لمَ؟
وتلكَ الصديقة التي لا تبالي بصديقتها التي بَسَطَتْ الدنيا لها ورداً وياسمينا؟
لمَ القانون بات مُعاكساً في زماننا؟
من نهواهُ يُجافينا؟
ومن نجافيه يعشقنا حتى النخاع؟
حتى بات قانون من "يُقدرني أُقدره"
استثاء وحالة بها بعض من الشذوذ.
حينَ كنتُ في مرحلة المراهقة كنتُ ووالدتي نتحدّث عن الحياة وقوانينها،
فقالت لي:" احرصي أن تُقدري كلَّ مَن يُقدّركِ،
ومن أكرمكِ مرّة فأكرميه مئة مرّة".
اليوم تحضرني كلمات والدتي البسيطة ذات المعاني العميقة،
حين أضحت المبادئ الجميلة نادرة في حياتنا،
ولعلّ العيب ليس في زماننا
لنؤكّد
قول الشاعر:
"نعيبُ زماننا والعيبُ فينا.. وما بزماننا عيب سوانا".
أليسَ من العدل
أن ترفع شأن كلّ شخص قدّمَ لكَ العطاءات
واجتهد لتقديم الخدمات
وجادَ بما يملك من معنويات راقية
وماديات فاخرة لنيل رضاك،
فتبادلهُ العطاء بعطاءٍ أكبر،
والتقدير بتقديرٍ أعظم.
فذلك هو الإنسان الأصيل الكريم
الذي قال فيه المتنبِّي:
"إذا أنتَ أكرمتَ الكريمَ ملكتهُ".اللهم ارزقنا خُلُقاً جميلاً.. اللهم آمين.
.
.
بقلم.الكاتبة البحرينية
,, رحاب شريف ,,
-
تحياتي
algmr
فن العطاء ,