قصة ذات فائدة. قصة ( جبر)
..............................
قصة ذات فائدة ...
زار أحد الشباب وكان اسمه ( جبر) إحدى المدن ، وقرر مضيفوه أن يطوفوا به
البلدة ترحيبا بمقدمه ، وفي نهاية الجولة مروا قريبا من المقابر ،
فدنا (جبر) من شاهد إحدى القبور فوجد مكتوبا عليه : هذا قبر فلان بن فلان ولد سنة 1910 وتوفي سنة 1975 ، وعاش 7 سنوات ،
...ومر على شاهد آخر فوجد مكتوبا عليه هذا قبر فلان بن فلان ولد سنة 1922 وتوفي عام 2000 وعاش 4 سنوات !! .
ومر على ثالث ورابع ، وكل شاهد مكتوب عليه تاريخ ميلاد وتاريخ وفاة ، وحساب للسنوات التي عاشها صاحب القبر لكنها غير دقيقة ،
فتساءل
عن السر ، فأخبروه أنهم يحسبون لمن مات عدد السنوات التي عاشها بعدد
الأيام السعيدة التي قضاها في الحياة ويُسقطون تلك الأيام التعيسة
والحزينة فلا تستحق أن تُحسب من عمره ، لأنه لم يعشها أو يستمتع بها !!.
فهذا
مثلا عاش 65 عام ، لكنه لم يسعد طوال هذه الأعوام سوى سبع سنوات فقط ، لذا
يكتبوا هذه السنوات السبع على أنها كل ما عاشه هذا الرجل ! .
هنا
التفت إليهم ( جبر) مبتسماً في مرارة وقال : إذن يا أصدقائي رجاءً إذا
اتتني المنية في أرضكم هذه أن تكتبوا على قبري : ( هذا قبر جبر .. من بطن
أمه إلى القبر) !! .
إن أهل هذه المدينة فطنوا إلى أن عداد السنين
لا يسجل إلا تلك اللحظات الجميلة السعيدة ، وأن لحظات الشقاء يجب إسقاطها
من ذاكرة الأيام غير مأسوف عليها .
ولا أقصد باللحظات الجميلة
لحظات المتعة المختلسة ، أو الاستغراق التام في لذات الحياة بلا حسبان أو
تدبير ، وإنما أقصد تلك اللحظات التي يسعد فيها المرء حقا ، ويفخر بها على
الملاء .
حتى الكبوات والملمات إذا ما استئسد المرء أمامها وواجهها
بشجاعة ، تصبح فيما بعد ذكرى حسنة تدلل على شجاعته وقوته وحسن تصرفه
وتدبيره ويذكرها عداد اللحظات السعيدة .
لكن الكثيرون منا للاسف ،
ما يلبثوا يصبغون أيامهم بفرشاة رمادية داكنة ، ويخاصمون السعادة في إصرار
غريب ، فهم يتهيبون القدر وكأنه ينصب لهم فخاً ، ويخاصمون الحياة وكأنها
تحاربهم ، ويرفضون أي دعوة للتفائل والمرح .
إن هناك من أدمن التشاؤم والحزن ، وطوقه القلق والخوف حتى أذعن لهما ، وأعطاهم ناصيته يحركونها كيفما شاءوا في دروب سوداوية كئيبة .
إن
السعادة كعصفور جميل ، ما يلبث يحط على كتف من ناداه ، ليغرد له أنشودة
البهجة والمرح ، لا يشترط أن تكون غنياً أو قوياً أو ذو سلطة ونفوذ كي يحط
على كتفك .
إن شرطه الوحيد أن تكون راغباً حقا في سماع أنشودته
الجميلة ، أن تفتح ذراعيك متفائلاً ، مبتسماً ، راضيا بما كتبه الله عليك
، غير متذمر أو شاكي .
إن عصفور السعادة يطير فزعاً إذا ما لاحظ سحب التشاؤم والخوف والقلق تلوح في الأفق .
يهرب بلا استئذان .. ولا يعود قبل أن تشرق شمس التفاؤل من جديد وتصفو سماء الواحد منا .
إننا
يا صديقي نستيقظ بعد فترة وإذا بالعمر وقد سُرق منا ، وعداد السنين لا
يحوي إلا على لحظات معدودة من السعادة ، ونأسف على حياة ضاعت دون أن
نحياها حقاً .
.........................
مع السلامه.. 1 من الناس
م.ن