الشعر والكذب لا يجـتـمعـان
منتديات فن العطاء الثـقافيـة
-------------------------
الشعر والكذب لا يجـتـمعـان
.
.
الشعر كالايمان لا يجوز فيه الكذب. والمؤمن بحسب الأثر الشريف قد يكون أي شيء الا ان يكون كذابا.. وكما ان الايمان والكذاب لا يجتمعان، فان الشعر والكذب لا يجتمعان ايضا..
وثمة كذب يعلم صاحبه ان يأتيه عامدا وقمة كذب خفي يكتشف الشاعر بعد توبته ان تاب وصحوة وعيه انه كان يقارفه ويكذب اول ويكذب على نفسه فيه. سوف يستغفر بالضرورة عما اجرم بحق الشعر وحق نفسه على حد سواء. وفي الحق ان المستغفرين قلة قليلة والتائبين اندر من عرو الذهب في الجبال الراسيات.
ولا نخوض هنا في شعر المديح، ولا في شعر الفخر، ولا في شعر الهجاء، لما تحقق من ان في حبل الكذب فيها قصير، ولكننا نتحدث فيما هو اخفى من الدوافع الكامنة في البنية النفسية لمن «يقررون» ان يكونوا شعراء. ذلك ان ثمة «صورة معيارية» للشاعر وموضوعات يفترض ان يعالجها وسمات معينة لا بد ان يتيبنها الآخرون فيه، وكل ذلك يمثل هاجسا داخليا يدفع به الى ان يتقن اداء «دور الشاعر» في اقواله وتصرفاته وسائر حركاته وسكناته.
انه قد لا يكون محبا، ولكنه يكتب قصائد حافلة بالوله، والاشتياق، ومر الشكوى من الهجران.؟ وقد لا يكون وطنيا ولكنه يكتب قصائد تكاد صوفية الطابع في الوطن، وقد لا يكون شجاعا البتة، ولكنه يرفع عقيرته بأناشيد الشجعان واراجيز الفرسان، وهكذا هو في كل مضمار «يفترض» ان يطرقه «الشاعر» في «الصورة المعيارية» التي تواطأ النقاد والناس عليها، او ورثوها، او رسمتها لهم الايديولوجيات او استفاضت في الوعي العام على نحو او آخر..
ان الشاعر الحق هو الذي اضاء له الشعر شدا فيه مدان وان أظلم عليه سكت. وان أتته دواعية استجاب لها وان لم تأته لم يفتعلها افتعالا.
ولعلنا هنا ان نقول ان «القصدية» في ابتناء العمل الشعري (والفني بوجه عام) هي خطوة ثانية بعد توافر دواعيه واسبابه التي لا يكون شعرا على الحقيقة بدونها.
ونحن لا نخرج عن منطق الشعر حين نقول ان الصدق هو عنصره الرئيس، اضافة الى الجمال. وكم هو مصيب ذلك الشاعر الذي يقول:
وان أجملَ بيتٍ أنت قائلُهُ * * * بيتٌ يقالُ اذا انْشَدْتهُ صَدَقا
---------------------
م،ن
ابراهيم العجلوني
---------------------
فن العطاء
.
.